“تقوم الأستاذة و الباحثة في البيداغوجيا سعيدة الوازي بنشر سلسلة مقالات بعنوان “الهجوم على قطاع التربية الوطنية” تعالج من خلالها أبرز المشكلات التي يعاني منها نساء و رجال التعليم بالمغرب، إن على المستوى المهني، الاجتماعي، أو الاقتصادي، كظروف العمل بالمناطق النائية و مشاكل صعوبة الالتحاق بالأزواج، و قضايا أخرى مرتبطة بالتربية و التعليم.و “الظروف الاجتماعية لنساء و رجال التعليم” هو المقال الثاني من هذه السلسلة، بعد نشر المقال الأول كتوطئة للمواضيع التي سيتم التطرق إليها ..
الظروف الاجتماعية لنساء و رجال التعليم
مع ظهور نتائج الحركة الانتقالية الوطنية لنساء و رجال التعليم، صعق الكثير من المشاركين و المشاركات فيها و الذين عقدوا الأمل على لم شمل أسرهم و تحسين حياتهم الاجتماعية، خصوصا و أن الحركة تمت عبر الموقع الإلكتروني ( دون تدخل أي طرف حسب بلاغ الوزارة).
حسب بلاغ صحفي لوزارة التربية الوطنية فقد استفاد 6708 أستاذ و أستاذة من الحركة الانتقالية الوطنية من أصل 50988 أي ما يعادل 13,16%. كما أن هذه النسبة الجد هزيلة تتوزع بين الأسلاك الثلاثة، فقد كان نصيب التعليم الابتدائي 4,79% ، و نصيب التعليم الثانوي الإعدادي بجميع مواده 3,27% أما نصيب التعليم الثانوي التأهيلي بجميع مواده فلم يتجاوز 5,1% . قيمة النسب الهزيلة مع كثرة الطلبات لا تقارن. لكن لما لا نبحر قليلا وراء ما تخفيه هذه الأرقام و النسب: 50988 أستاذا و أستاذة لا ينعمون بالاستقرار الاجتماعي، و هم إما بعيدون عن أسرهم، في حالة العزوبة، أو بعيدون عن الزوجة أو الزوج و الأبناء ،في حالة الزواج، كلهم يطلبون الانتقال للالتحاق بعائلاتهم و لتحسين أوضاعهم الاجتماعية. رغم أن هذا الرقم ليس حقيقيا 100% فهناك المزيد ممن لا يملكون الحق في الانتقال عبر الحركة الوطنية، كمن لا يتوفرون بعد على أقدمية 4 سنوات في الجهة، أو ممن لا يتوفرون على أقدمية سنتين في المنصب الحالي أو من يعزفون على المشاركة في الحركة لكي يوفروا النقط. ما نستطيع أن نستشفه من وراء هذه الأرقام، هو الوضعية الاجتماعية الصعبة التي يعيشها نساء و رجال التعليم، ممن يبحثون عن الانتقال، و السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هنا: كيف لهؤلاء الموظفين الذين يعانون من ظروف اجتماعية صعبة و مفككة أن يتمكنوا من تأدية واجبهم على أكمل وجه؟ كيف لمن يفقد معنى الأسرة و العائلة في حياته اليومية أن يشرح لأجيال المستقبل أهمية الأسرة و الاستقرار؟ بل و كيف لمن يعاني من التشتت العائلي و الأسري و من صعوبة الظروف أن يعمل بجد بل و يبدع في تعليم الناشئة الجديدة؟ سبق و تحدثت عن جودة التعلمات كحل لإصلاح التعليم، ولكن قبل الجودة علينا تحسين ظروف عمل الأطر التربوية و الإدارية التابعة لوزارة التربية الوطنية، فلكي نعمل و نبدع و نحسن جودة التعلمات، علينا أن نكون في ظروف جيدة، اجتماعيا و اقتصاديا أيضا.
الحركة الانتقالية أصبحت كابوسا مزعجا يلاحق كل العاملين في ظروف غير جيدة، وأيضا حلما مستحيلا للعازبات و العزاب الذين يشاركون فقط لعدم فقد الأمل، فقد أصبحت الالتحاقات بالأزواج تأخذ نصيب الأسد من الانتقالات، لا أقصد من هنا أن طلبات الالتحاق بالأزواج لا يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، على العكس، يجب أن تحظى بالأولوية لكن دون المساس بحق الآخرين في الانتقال. ما يجب القيام به هو تغيير معايير المشاركة في الحركة بدل اعتماد الأقدمية و قضاء العمر في مكان لا يوفر الظروف الاجتماعية المستحقة لأطر وزارة التربية الوطنية، و جمع نقط لا أهمية لها بالاستقرار في الأكاديمية و النيابة و المؤسسة للحصول على 6 نقط في السنة!!! كم يلزم من سنة للحصول على مئات النقط؟؟ ليس أقل من 16 سنة من الاستقرار في نفس الأكاديمية و نفس النيابة بل ونفس المؤسسة!! هذا يشبه العقوبة الحبسية!! لما لا تعتمد الوزارة مثلا على عنصر الكفاءة؟ المردودية؟ أو حتى معايير أخرى غير الأقدمية ؟؟؟
يبقى السؤال مطروحا: إلى متى يقضي نساء و رجال التعليم عمرهم طلبا لعدد هزيل من النقط يمكنهم فقط من الحق في المشاركة في ملء طلبات الانتقال، ليكون الرد الذي يستحقونه: ” لم يتم تلبية طلبكم” .

إرسال تعليق

 
Top