بعدَ المناظرة الوطنية الأولى للصّحّة، التي انعقدت سنة 1959، برئاسة الملك الراحل محمد الخامس، انطلقت أشغال المناظرة الوطنية الثانية، التي ترأسها وزير الصحة الحسين الوردي، صباح اليوم (الاثنين) بمدينة مراكش، بحضور رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران ووزير الدولة عبد الله بها، ووزير الاقتصاد والمالية، نزار البركة، إضافة إلى ممثلي خمْس نقابات عمّالية، وسفير الاتحاد الأوربي بالمغرب، وممثلين عن البنك الدولي.
وافتتحت أشغال المناظرة بتلاوة الرسالة الملكية من طرف وزير الصحة، والتي استعرضت جُملة من الانجازات التي تحقّقت في القطاع الصحي منذ انعقاد المناظرة الوطنية الأولى سنة 1959.
وعلى الرغم من الانجازات التي تطرقت إليها الرسالة الملكية، إلا أن "هذه الانجازات، حسب نصّ الرسالة، تبقى دون مستوى طموحنا في هذا المجال، ونغتنم مناسبة انعقاد هذه المناظرة، لنؤكّد حرصنا الموصول على جعل النهوض بقطاع الصحة من الأوراش الحيوية الكبرى".
الرسالة الملكية دعت إلى ألا تكون المناظرة الوطنية الثانية للصحّة مناسبة لتقييم المنجزات، "بقدْر ما يتعيّن اعتبارها محطة أساسية للتحلّي بروح المسؤولية والغيرة الوطنية، من أجل بلورة ميثاق وطني واقعي وقابل للتفعيل، يضع المواطن في صُلب اهتمامات المنظومة الصحيّة".
رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران، قال في تصريحات صحفية، إنّ الرعاية الصحّية للمواطنين "أصبحت الآن مكلفة أكثر وأكثر"، وأضاف أنّ المأمول من المناظرة الثانية للصحة هو الخروج بتوصيات تساهم في تأطير السياسة الحكومية في القطاع الصحّي، "الذي يعتبر من القطاعات الأساسية ذات الأولوية، إلى جانب قطاعي التعليم والعدْل، حتى يكون الأداء فيه على أحسن وجْه، وتتمكن الحكومة من توفير جميع الخدمات الصحية التي يحتاجها المواطن".
من جهته شدّد وزير الصحّة الحسين الوردي، على أنّ تطوير القطاع الصّحي يتوقف في المقام الأول على تأهيل الموارد البشرية العاملة في القطاع الصحّي، وتلبية متطلباتها، "إذ لا يمكن أن يتطوّر القطاع مهما بلغت الامكانيات المادية المرصودة له إذا لم تحظَ الشغيلة الصحيّة بما يكفي من الاهتمام"، متفائلا بالتوصيات التي ستتمخّض عن المناظرة.
وعن مقاطعة ثلاث نقابات عمّالية لأشغال المناظرة، قال وزير الصحّة، "نحن الآن نتوجه إلى المستقبل، هذا القطاع لا يعني وزيرا معيّنا أو حزبا معيّنا، بل هو مشروع يعني الجميع"، وأضاف أن وزارة الصحة، "رغم وجود بعض الهفوات، إلا أنها لم يسبقْ أن اعترضت، ولا يمكن أن تعترض على أي مشروع أو اقتراحات يمكن أن تساهم في تطوير وتقدّم القطاع الصحي"، مشيرا إلى أنّ أشغال جلسة اليوم من المناظرة ستعرف اجتماعات بين الوزارة والفرقاء الاجتماعيين، لمناقشة التوصيات التي ستخرج بها المناظرة.
في هذا السياق، أبدى الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، الميلودي مخاريق، في تصريح لهسبريس، تفاؤله بخصوص التوصيات التي ستتمخّض عنها المناظرة، "والتي سنسعى إلى أن تكون توصيات قابلة للتفعيل والأجرأة، وليس توصيات فضفاضة".
وأضاف مخاريق أنّ الاجتماعات التي ستتمّ بين الفرقاء الاجتماعيين ووزارة الصحة تعتبر في حدّ ذاتها أمرا إيجابيا، بعد خمسة عقود من غياب الحوار بين الطرفين، وأنّ المناقشات لن تنصبّ على الحكامة الجيّدة، وإنما على "أجود حكامة، حيتْ كلشي موجود، خاصّ غير المعقول"، متمنيا أن تخرج المناظرة بتوصيات "في مستوى تطلعات الشعب المغربي، لأنّ الصحة ما فيهاش اللعب".
إرسال تعليق