اعتبر السيد محمد بنعبد القادر، مدير التعاون والارتقاء بالتعليم المدرسي الخصوصي، أن اجتماع اللجنة الفنية، المنبثقة عن المجلس الوزاري المغاربي للتربية والتعليم العالي والبحث العلمي، المكلفة بالتقريب بين مناهج التعليم الأساسي في مجال اللغات الأجنبية، يؤكد بالملموس على وجود إرادة سياسية وتربوية لمواصلة العمل المغاربي المشترك في مجال التربية.

وأضاف في كلمته الافتتاحية لأشغال هذه اللجنة، التي انعقدت بمركز الندوات والملتقيات الوطنية، يومي 14 و15 أكتوبر 2014، بالرباط، أن هذه المناسبة تشكل فرصة لتقاسم التجارب والخبرات والاطلاع على تجربة كل قطر من الأقطار المغاربية في مجال تدريس اللغات الأجنبية، وكذا البحث عن القواسم المشتركة بين التوجهات العامة في تدريس اللغات الأجنبية، واستشراف آفاق التقريب بين المناهج.

كما أكد أن موضوع اللغات الأجنبية يوجد في صلب الرهانات الثقافية والنهضوية لهذه المنطقة نظرا لموقعها الجيواستراتيجي، داعيا إلى مزيد من الانفتاح والتفاعل والتموقع القوي ضمن رهانات العولمة الثقافية والتربوية، في ظل الزخم القوي في مجال المبادلات التربوية على الصعيد العالمي، وما يفرضه هذا الزخم من حركة على مستوى تداول الأفكار والنماذج والكفايات.

وحول أهمية إتقان اللغات الأجنبية، أشار السيد المدير إلى أن التمكن من هذه الكفاية بالنسبة للمتعلمين يعد بمثابة المفتاح الأساسي للنجاح المدرسي، نظرا لكونها تمكن من تحصيل العلوم والمنافسة والتبادل والانفتاح، كما تمكن من استيعاب ثقافات الآخر ومد جسور التفاهم والتعايش بين الشعوب.

من جانبه دعا السيد فؤاد شفيقي، مدير المناهج، الخبراء المشاركين في هذه اللجنة إلى تبادل الرأي حول أهم المستجدات المتعلقة بالمنظومات التربوية المغاربية خاصة في مجال اللغات الأجنبية، مشيرا إلى أن هناك تقاربا كبيرا بين بعض الأقطار المغاربية سواء على مستوى الاختيارات الأساسية أو على مستوى تنظيم العمليات التربوية والإشراف عليها، كما دعا إلى الاشتغال على رسم آفاق مستقبلية لموضوع اللغات من خلال اقتراحات تترجم إلى مشاريع يمكن رفعها لمجلس وزراء التربية من أجل المصادقة عليها واعتمادها.

وفي كلمة باسم الوفد التونسي، أبرز السيد العايش شوشاني، أن أشغال الدورات السابقة لهذه اللجنة، أثمرت نتائج يمكن وصفها بالإيجابية، حيث شكلت خلاصاتها وتوصياتها رافدا من الروافد التي كان لها صدى لدى المسؤولين على الشأن التربوي في تونس، كما أنها حفزتهم للقيام ببعض المبادرات على مستوى التدابير الإصلاحية في مجال تملك اللغات الأجنبية.

وألقى السيد محمد أحمد هدار، ممثل السفارة الموريتانية بالرباط، كلمة، نيابة عن الوفد الموريتاني الذي تعذر عليه الحضور، أكد فيها على أهمية العمل المشترك وتوحيد الجهود بين الدول المغاربية من أجل تحقيق رهانات الإصلاح والتطوير والرقي بالإنسان باعتباره الدعامة الأساسية للتنمية، مضيفا أن بلاده نظمت أيام ومنتديات للتفكير تتوخى إصلاح المنظومة التربوية، شارك فيها فاعلون سياسيون وتربويون ومنظمات المجتمع المدني، وكان الهدف منها بلورة مخرجات من شأنها إعطاء روح جديدة للتعليم والارتقاء به إلى مستوى متطلبات سوق العمل.

وفي موضوع اللغات أشار إلى أن موريتانيا بدأت، منذ السنة الماضية، في تحضير مشروع إصلاح يهم الارتقاء بتدريس اللغتين الأجنبيتين، الفرنسية والإنجليزية، في المراحل الابتدائية وتدريس المواد العلمية باللغة الفرنسية.

واعتبر السيد قاسم جهلان، ممثل الوفد الجزائري، أن اجتماع اللجنة الفنية، سيتيح، فضلا عن تبادل الخبرات والتجارب بين المشاركين، إمكانية لإثارة الإشكاليات الأساسية التي قد تطرح على بعض المنظومات التربوية في أي قطر من الأقطار المغاربية في مجال تدريس اللغات الأجنبية، وبالتالي البحث لهذه الإشكاليات عن حلول قد تكون ناجعة ومفيدة مما هو معتمد ومعمول به في الأقطار الأخرى، مؤكدا على ضرورة أن يكون هذا العمل مندرجا في إطار توجه شامل يسعى إلى إصلاح المناهج التربوية وإيجاد الحلول لمشاكل تعليم اللغات الأجنبية، وتقريب مناهج تعليم اللغات الأجنبية في التعليم الأساسي، بالشكل الذي يعبد، في نهاية المطاف، الطريق نحو بناء صرح المغرب العربي الكبير الذي يطمح إليه الجميع.

وعبر السيد عبد الخالق مجبر، ممثل الأمانة العامة لاتحاد المغرب العربي، عن ارتياحه للتراكم الذي حققته الاجتماعات السابقة للجنة الفنية المكلفة بالتقريب بين مناهج التعليم الأساسي في مجال اللغات الأجنبية، مبرزا أن الدول المغاربية قطعت أشواطا هامة في هذا المجال من حيث تبادل المعلومات والاطلاع على التجارب الوطنية والتعرف على القواسم المشتركة. كما أكد على استعداد الأمانة العامة للإسهام في النتائج التي ستنبثق عن هذا الاجتماع، متمنيا أن تكلل أشغاله بالتوفيق والنجاح.

بعد ذلك انكب أعضاء اللجنة على مناقشة المحاور المسطرة في جدول الأعمال، من خلال ورشة عمل ترأس أشغالها السيد الشرقي الحمداني، رئيس قسم تعليم المواد الأدبية واللغات بمديرية المناهج، وشارك فيها عن الجانب المغربي كل من السيد نور الدين بوندقي، مفتش لغة إنجليزية، والسيد مبارك قدوري، مفتش لغة فرنسية، وتمحورت حول ثلاث نقاط هي: تقويم حصيلة تنفيذ توصيات الاجتماع الرابع للجنة، وعرض التجارب القطرية في مجال اللغات الأجنبية بالتعليم الأساسي، ثم قضايا وآفاق العمل المستقبلي.

كما تم الاشتغال، ضمن لجنتين مصغرتين، على تعبئة بطاقات تقنية بالمعلومات المتعلقة بكيفية تدريس كل من اللغة الفرنسية واللغة الإنجليزية، وتدقيق المعطيات الخاصة بكل بلد وتركيب هذه المعطيات في بطاقة تركيبة خاصة بكل لغة في الأقطار المغاربية المشاركة، وذلك بهدف توفير قاعدة معطيات منهجية تعتمد كخارطة طريق تمكن الفرق التقنية التخصصية، في كل بلد، من البحث عن المداخل والآليات الناجعة للتقريب بين مناهج ومقاربات تدريس اللغات ولغات التدريس.

وخلصت اللجنة، على ضوء النقاش المستفيض الذي أثير حول حصيلة التجارب المحلية في تدريس اللغات الأجنبية، والإشكالات والإكراهات التي تطرح في هذا الموضوع، وكذا خلاصة المقارنات المنجزة على أساس البطاقات التقنية، إلى إصدار مجموعة من التوصيات دعت بموجبها إلى الإسراع بإعداد إطار مرجعي مغاربي مشترك لتدريس اللغات واعتماده منطلقا للتقريب بين مناهج التعليم الأساسي في مجال تعليم اللغات الأجنبية يشمل المراحل التعليمية الثلاث، كما دعت إلى تبادل المعينات التعليمية الحديثة المعتمدة في تعليم اللغات الأجنبية وكذا الوثائق والبحوث العلمية التربوية المتعلقة بتطوير المناهج في هذا المجال قصد استثمارها في تجويد تدريس اللغات الأجنبية، بالإضافة إلى تنظيم ندوات علمية وزيارات لفائدة الأطر التربوية المكلفة بتأطير تدريس اللغات الأجنبية للاطلاع على التجارب الناجحة في كل بلد من البلدان المغاربية، وتنسيق الجهود لأجل توحيد المصطلحات واعتمادها في الوثائق التربوية ذات الصلة.

وفي الختام نوه المشاركون بالروح الأخوية العالية والأجواء التي سادت الاجتماعات وأعربوا عن ارتياحهم للنقاشات البناءة والمثمرة والنتائج المحققة، كما أوصوا برفع خلاصات هذا اللقاء إلى المجلس الوزاري المغاربي للتربية والتعليم العالي والبحث العلمي في دورته المقبلة للنظر فيها واعتمادها.

إرسال تعليق

 
Top