عبد الغفور العلام

  بادئ ذي بدء، وجب التنويه  بالمجهودات المهمة المبذولة من طرف وزارة التربية الوطنية سواء على مستوى توفير المعلومة للمعنيين المباشرين وللمهتمين و للمتتبعين للشأن التربوي عبر نشرنتائج الدورة العادية لامتحان الباكلوريا 2013 على موقع taalim.ma   ، أو على مستوى الإستراتيجية التواصلية التي نهجتها  الوزارة مؤخرا في جميع مراحل امتحانات البكالوريا (الإعداد للامتحان، إجراء الامتحان، عملية التصحيح، الإعلان عن النتائج) من خلال إصدارها مجموعة من البلاغات التواصلية الإخبارية (14 بلاغا). وذلك قصد إطلاع الرأي العام الوطني والتربوي على مستجدات امتحانات البكالوري الهذه السنة.   و في هذا الإطار، جاء البلاغ  الصحفي الأخير (26/06/2013) الذي أصدرته السلطات التربوية  بالموازاة مع الإعلان عن النتائج  ليميط اللثام عن المعطيات الإجمالية للدورة العادية لنيل شهادة الباكلوريا 2013، ويقدم في نفس الوقت مجموعة من المؤشرات الإحصائية المرتبطة بهذه النتائج. سنحاول في هذه الورقة تقديم قراءة أولية لهذه النتائج الإجمالية، انطلاقا من تحليلنا للإحصائيات المقدمة من طرف وزارة التربية الوطنية. وذلك عبر تسليط الضوء على بعض المؤشرات الأساسية الدالة واستنادا على ما توفر لدينا من معطيات. نسبة الحضور: في البداية لابد أن نشير أن الإحصائيات الواردة في البلاغ الصحفي الأخير للوزارة هي معطيات أولية و جد مركزة وبالتالي غير مفصلة ، ولا تشمل جميع المؤشرات المتعلقة بالحصيلة التربوية للمترشحات و المترشحين للامتحان البكالوريا لسنة 2013، حيث أن بلاغ الوزارة ركز فقط على بعض المؤشرات الإحصائية الإجمالية. وتأسيسا على ذلك، فقد بلغ عددالمترشحين لإجتياز امتحانات البكالوريا لهذه السنة  778 484 مترشح و مترشحة،من بينهم  083 215  مترشحة أي ما يمثل  44.37  % من مجموع المترشحين، حيث وصل عدد الحاضرين الإجمالي الذين اجتازوا الاختبارات387721   بنسبة حضور إجمالية  تقدر ب  79.98%  . أما عدد الممدرسين الذين حضروا الامتحان فقد بلغ314729  مترشح و مترشحة ، بنسبة حضور إجمالية  تقدر ب 96.44 %، فيما وصل عدد الحاضرين من المترشحين الأحرار إلى27299   مترشح و مترشحة ، أي بنسبة حضور إجمالية  تقدر ب  46.07 % .  و يستنتج من هذه المؤشرات ضعف نسبة حضور المترشحين الأحرار، أي أن أكثر من نصف الأحرار(53.03%) تغيبوا عن اجتياز الدورة العادية لامتحان البكالوريا 2013. مما يطرح  إشكالية كلفة مشاركة المترشحين الأحرار في اختبارات البكالوريا والعبء الذي يشكلونه في عملية تنظيم الامتحانات، وما ينتج عنه من هدر للمجهودات وللموارد المالية والبشرية. وبالتالي فقد بات من الأجدى تنظيم وتقنين مشاركتهم مستقبلا من خلال التفكير في إجراءات تنظيمية استثنائية كفرض رسوم خاصة أو حصر عدد الدورات المسموح بها. نسبة النجاح العامة: انطلاقا من معطيات البيان الأخير لوزارة التربية الوطنية الذي تزامن مع الإعلان عن النتائج، بلغ عدد الناجحين146979 أي بنسبة نجاح تقدر ب 37.91%  منها  51%  سجلت بالنسبة للإناث. و الملاحظ من خلال نسبة النجاح العامة لهذه السنة ،هو أن أكثر من %60 من المترشحين لم يحصلوا على شهادة الباكلوريا في دورتها العادية، كما أن نسبة النجاح المسجلة  هذه السنة (37.91%) منخفضة مقارنة مع السنة الفارطة (48,96 % ) مما يجعل النظام الحالي للبكالوريا موضع تساؤل: فهل الإشكال يرجع إلى هندسة النظام الحالي لامتحانات  البكالوريا الذي يتكون من امتحان وطني و امتحان جهوي؟ أم مرتبط بطريقة احتساب المعدل النهائي للبكالوريا؟ أم جاء نتيجة تطبيق الإجراءات  الصارمة التي اعتمدتها الوزارة مؤخرا  للتصدي  لظاهرة الغش ؟ أم  الخلل يرجع بالأساس إلى منهجية  صياغة مواضيع الامتحان و طرق وآليات التقييم المعتمدة…؟؟؟ فالمؤمل من السلطات التربوية هو القيام بعملية تقييمية شاملة للنظام الحالي لامتحانات  البكالوريا قصد ترصيد الإجابيات و الوقوف على مكامن الخلل ونقط الضعف،  في أفق اعتماد هندسة جديدة فعالة وناجعة تتجاوز تعثرات النظام الحالي وتستجيب للحاجيات الملحة للمعنيين والمتدخلين المباشرين،  وتتماشى مع متطلبات المرحلة ومع  التطورات والتحولات السريعة التي تعرفها المنظومة التربوية. تدني نسبة نجاح المترشحين الأحرار وتباين في نسب النجاح بين الشعب : بلغت نسبة نجاح الأحرار هذه السنة  13,39% حيث انخفضت بحوالي نقطتين عن النسبة المحققة في السنة الفارطة(15,34%)، و هذا الانخفاض في نسبة نجاح الأحرار يؤشر من جهة، على ضعف مستوى بعض المرشحين الأحرار نظرا لعدم متابعتهم الدراسة بالمؤسسات التعليمية، ومن جهة أخرى، يظهر عدم الرغبة لدى مجموعة من المترشحين الأحرار في اجتياز الامتحان رغم تقديمهم الترشيح، و هذا تؤكده نسبة حضورهم الضعيفة. و زيادة على ذلك، تمت ملاحظة تفاوت واضح في نسب النجاح بين الشعب، حيث تم تسجيل 45,91%  كنسبة نجاح في الشعب العلمية و التقنية في مقابل نسبة 27,82% في الشعب الأدبية و الأصيلة . وهذا التباين بين الشعب يحيلنا بالضرورة إلى إعادة النظر في المنهجيات البيداغوجية المعتمدة في السلك الثانوي التأهيلي وخاصة تلك المتعلقة بالشعب الأدبية و الأصيلة. إضافة إلى الحاجة الماسة إلى التفعيل الحقيقي للمقاربات الحديثة المرتبطة بالتوجيه والتخطيط التربويين و إعطاءهما ما يستحقان من الأولية و الإهتمام ، باعتبارهما المدخل الأساسي لتحقيق التوازن بين الشعب والمسالك و البوابة الرئيسية لبلورة هندسة جديدة وملائمة للمسارات والمسالك والشعب تستجيب لحاجيات المنظومة التربوية و لمتطلبات سوق الشغل، وتساعد في نفس الوقت التلميذات والتلاميذ على رسم مسارهم الدراسي و المهني وتحديد ملامح مشروعهم الشخصي المستقبلي. بقي أن نشير إلى أن عدد المترشحين الذين سيجتازون الدورة الإستدراكية بلغ : 904 175  مترشح ومترشحة  وهو عدد مهم، حيث أنهم يمثلون %45,37 من الحاضرين. مما سيمكن ولا شك من رفع نسبة النجاح العامة  لإمتحانات الباكلوريا 2013. وفي الأخير، نهنئ كل الناجحين في الدورة العادية لإمتحان الباكلوريا لهذه السنة،  كما نتمنى النجاح والتوفيق  والسداد لكل المستدركين،  أملين أن تكون الدورة الاستدراكية فرصة لنجاح أكبر عدد من المترشحات والمترشحين. 


   عبد الغفور العلام

عن موقع:  http://www.oujdacity.net

إرسال تعليق

 
Top