السيد الوزيــر المحـترم، أبعث إليكـم بهذه الملاحظات حول الوضع الراهـن للمنظومة التربوية الذي يندر بتقهقـرهــا إلى الدرك الأسفـل. الأمر الذي أصبح يشكل غمة في قلــــوب نساء و رجال التعليـــم الأشقيـــــاء. سأكتفــــي هـنا بتعداد بعض الإخفـاقـات و التراجعات التي وقعت في عهد تدبيركـم لهذا القـطاع الحـيـوي الذي يمثل مفـتـاح التنمية المنشـودة. لقد تراجعت في عهدكـم الاعتمـادات المرصودة لقـطاع التعليـم الأمر الذي أعـاق تحقيـــق الأهـداف التي كانت مسطرة لتـــأهـيل المدرسة العمومية و تطويــر المنظومة التربـوية نحـو ما هــو أحسن و أفضل من ذي قبل.....
أي أنكـــم لم تـوفـوا بـوعدكم بخصوص إعادة الثقــة في المدرسة العمومية و إقـرار حكامة القطاع. لم تعملـوا على إحداث مؤسسات تعليمية جديدة، بل اكـتفـيتـم باستكمـال الأوراش المبرمجة سابقا. لم نلاحظ أي تقدم على مستوى تحسين الجـودة و المردودية الداخلية للتعليـم المدرسي. إن تدبيركـم للقطاع السيد الوزير كرس استمرار ظاهـرة الهدر المدرسي و التكـرار و التسرب. فما قـولكم في 100 ألف تلميذ الذيـن يغادرون المدرسة قبل إتمام التعليم الابتدائي؟؟ ما مآل المرجعية البيداغـــوجية ذات الأصول الوطنية التي وعدتمـونا باللجوء إليها وتطبيقهـا كبديل عن البيداغـــــوجيات المستــوردة!! و ذلك بعـد أن ألغـيتـــم بيداغـوجية الإدماج بشكل مفـاجئ و بقـرار أحادي الجانب؟ ما الحكمة من وراء تجميدكــــم للمجالس الإدارية للأكاديميــــات التي كان من المفروض فيهــــا أن تلعب دور الوسيط بين النيابــات و الإدارة المركزية لتسهيـل المساطر و تسريــع وثيـرة الإصلاح بمقـاربة تشاركية و تفـاوضية، تحت إشرافـكـم الفعـلي طبعا لتقـفـوا شخصيا و حضوريا على قـوة الاقـتراحات و فعالية التجـادبات الفكريـة لمختـلف مكونـاتهـا. فمتى تقطعــــون مع التردد الذي يخالجكم في منح الصلاحيات الكاملة للأكاديميـات لكي تلعب دورهـا اتجاه النيابات و المؤسسات التعليميـة، عن طريـــق الاستقلاليـــة في التدبيـــر و الانفتـاح المؤسساتــي؟. السيد الوزيـر ماذا أعددتــم لمعالجــة مشكل الخصاص المهـول الذي يصل حسب تصريحكـم إلى 15 ألف و الذي بدون معالجـته لا يمكن أن نحلم بإصلاح منظومة التربية و التكـويـن؟. لم تقدمـوا في حصيلتكـــم أي إجراء ملمــوس لا على المستــــوى التنظيمـــي و التربــــوي و لا على مستــــوى تحسيــــن الوضع الاجتمــاعـــي و المـادي لنسـاء و رجـال التعليـم. بل على العكس من ذلك فقـد كسرتـم جســر الثـقـة بينكـم و بين الشغيلـــة التعليميـــة بتنكـركـم لإحـداث درجة جديدة التي نص عليها اتـفـاق 26 أبريل 2011. على الرغم من أن الاتفاقـــات الموقعـــة من طرف الشركــــاء تعتبر حقـــا مشروعـــا و منبعــا للحقـــوق. لقد أهـنتـم نسـاء و رجال التعـليم لما جمدتـــم الحـوار القـطاعـي و انفـردتـم بالقــرارات الجائــرة في حـق الشغـيلة التعليمية من قـبيل إلغــاء اللجـان الجهـوية المشتركة التي كانت تمثل بالنسبة لهم آلية من آليات التفــاوض و تطارح الأفكــار من أجل البحث عن الحلـول الناجعـة للملفــات الاجتماعية التي يعاني أصحابهـا من
التشتت العائلي أو النسيان في الفيـافي بأقـدمية قد تصل إلى 30 سنة من العمل في المنـاطق النـائية. كما أصدرتم المذكــرة 111 التي أقـبرتم من خلالها حقـوق الشغيلـــة التعليميـــة في الحركــات الانتقـالية. غير مفهـــوم تماما ما أقـدمتـــم عـليه من ضرب لحقـــوق الشغيلـــة في الاستقرار كمكسب تطلب منا عـقـــود من النضال المريـــر، و ذلك بالبدعــة التي سميتمـــوها تدبيـــر الفـــائض على المستــوى الجهــوي. تعلمـون السيد الوزيـر أن اعتبار التعليم أولـوية وطنية يستدعي استحضار الاختيـارات الكبـرى لمجتمع تـواق إلى مستقبل أفضل، في إطار علاقـة مشروع التربية و التعليم بالمشروع المجتمعي كـكل. إن سرقة أجـور المضربين خطأ جسيـــم يعـاقـب عليه القـانــون لأن الإضراب مكفــول بأسمى قـانــون في البلاد أي الدستـور. فإذا كان القصد بإقتطاع أجور المضربين هـو ردع الفــوضى العــارمة التي سادت القطاع السنــوات الأخيرة من خلال الإضرابات المسترسلة و العشوائية التي أثـرت فعلا على الزمن المدرسي، فإن الإضراب الذي تسلطتــم عليه بالاقـتطاع هـو حـق مشروع دعـت إليه النقـابات الأكثر تمثيليـــة في إطار المسؤولية التامة و الحـرص على مصلحة المدرسة و روادها. فمن واجبكـم الآن العمل على إرجـاع الأجـور المقتطعة إلى أصحابها تفـاديا للاحتقـان الذي قـد يصل ذروته الدخـول المدرسي المقـبل لابلاغكم أننــا لن نستسلم للسائد من قــــراراتكـــم الانفـــرادية المطبــوعة بسمة الإدارة البيروقـــراطية.
اعلمــوا السيد الوزيــر أن الخط الفــاصل بين المسؤول العـادل و المسؤول الجـائـر هـو مدى اعتمــاد النهج التدبيـري الديمقـراطي على قـاعـدة المشاركة و التشارك بديلا عن طغيـــان و رجحان الأنـانيــــة و العـداء المبيت. اعـلمـوا أيضا أن كل ما أصاب حياتنـا المدرسيـــة من مســوخ و تشويــــه ما هــو إلا حــالة مرضية عابــرة تظهـر بالملمـوس أن لا بديل عن الاختيـار الديمقـراطي في التدبيـر و التسيير . أما نسـاء و رجال التعليـم الذيـــن يخلفــون الرسل، كما في علمكــــم، فهـم أوفـيـــاء للمدرسة العموميــة و لهذا الوطن أكثــر مما تظنــون، و هـم خميـرة المغـرب الذي سيشيد غـدا.
محمد كرميــم
الكــاتب الجهــوي للنقابة
الوطنية للتعليم (ف-د-ش)
دكالة عبدة
إرسال تعليق