أصدرت محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط، بتاريخ 20 مارس 2013، قرارها القاضي بتأييد الحكم المستأنف من طرف وزارة التربية الوطنية... وكانت المحكمة الإدارية بالرباط، قد حكمت، علنيا، ابتدائيا وحضوريا، بتاريخ 01 مارس 2012، بإلغاء القرار الصادر عن مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، لجهة طنجة تطوان، بتاريخ 05/5/2011، مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك.وقد أتى قرار المحكمة الإدارية، ابتدائيا واستئنافيا، لينصف الأستاذة )أ ح( بعد لجوئها إلى القضاء للطعن في عقوبة «التوبيخ» الصادرة عن مدير الأكاديمية باقتراح من المجلس التأديبي؛ وذلك لأن مدير الأكاديمية اتخذ القرار المطعون فيه دون احترام مقتضيات الفصل 66 من الظهير الشريف رقم 1.58.008 بتاريخ 24 فبراير 1958 بشأن النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية...
وحيث أنني كنت شاهدا على سير أشغال المجلس التأديبي، بتاريخ 13 /01 / 2011، في الملف موضوع الحكم السالف الذكر، بصفتي مدافعا عن الضحية، ومن خلال الخلاصة الصادمة التي أتاحتها لي هذه التجربة، والمتمثلة في أن « المتهم مدان رغم براءته»، - بدل القاعدة القانونية: « المتهم برئ حتى تثبت إدانته»، - وهو المنطق العام الذي يكاد يشكل الخلفية الأساس لأشغال المجلس التأديبي، ولإصدار قرارات تأديبية في حق نساء ورجال التعليم المعروضة ملفاتهم على أنظاره، فقد انتظرت، منذ ذلك التاريخ، قرار المحكمة الإدارية، لكتابة هذا المقال قصد إبراز مدى الظلم الذي قد يتعرض له نساء ورجال التعليم بناء على ملفات مفبركة؛ وذلك من خلال الملف الذي حظيت بشرف الدفاع عن ضحيته. وهو الملف الذي تم طبخه على نار هادئة ما بين ماي 2009 و يناير 2011، وقد مرت عملية الطبخ هذه من المراحل الأساسية التالية:
1 . إمطار الأستاذة بعدد من الاستفسارات النيابية لا مبرر لها، سوى ممارسة الضغط الإداري عليها بغرض تركيعها،..؛
2 . قيام لجن نيابية بزيارتها وتحرير تقارير تزكي توجه الإدارة بعيدا عن كل موضوعية، بهدف تحضير الملف لعرضه على المجلس التأديبي ...( تقرير اللجنة النيابية بتاريخ27 / 4 / 2009 وآخر بتاريخ 08 / 5 / 2009)...؛
3 . قرار النائب الإقليمي، بتاريخ 22 / 6 / 2009، إحالة ملف الأستاذة على أنظار المجلس التأديبي ...
4 . ، تقرير المفتشية العامة الموجه للأكاديمية، بتاريخ01 / 02 / 2010، على إثر زيارة الأستاذة للمصالح المركزية للوزارة قصد التظلم مما يحاك ضدها، وهو التقرير الذي أعطى بعض الأمل للمعنية بالأمر في إنصافها نظرا للروح التربوية التي لمستها في تعامل المفتش العام الذي أنصت لشكواها بكل موضوعية ... إلا أن جميع الوثائق والمستندات، المرفقة بتقرير المفتش العام، والتي سلمتها له المعنية بالأمر خلال اللقاء لتفنيد مزاعم وادعاءات الإدارة الإقليمية، سحبت من الملف...؛
5 . قيام لجنة نيابية بزيارة الأستاذة بتاريخ 09 / 02 / 2010، وتحرير تقرير يؤكد مزاعم التقارير السابقة ...؛
6 . زيارة لجنة جهوية، بتاريخ 16 /3 / 2010، وصياغة تقرير حاول، ظاهريا، «إمساك العصى من الوسط «، من خلال إبرازه بعضا من الإيجابيات التربوية والبيداغوجية للأستاذة، معترفا ب»أدائها لواجبها بشكل منتظم»...؛
7 . زيارة لجنة مركزية من المفتشية العامة، بتاريخ 22 / 4 / 2010، تلبية لطلب المعنية بالأمر أملا في إنصافها ورفع الظلم المسلط عليها ...
غير أن تقرير هذه اللجنة أتى بعكس ما تقتضيه الموضوعية والأمانة التربوية، وأبان عن تحامل غير مبرر على المعنية بالأمر، فكان مجانبا للحقيقة وللصواب، وتضمن العديد من المغالطات والافتراءات والاستنتاجات الخاطئة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
1 . عدم قيام الأستاذة بواجبها المطلوب ... ؛
2 . الاستهتار بالمسؤولية المنوطة بها؛
3 . التعنت والغطرسة والامتناع عن القيام بالواجب؛
4 . الإخلال بالواجب المهني وتحدي القوانين والتشريعات؛
5 . اتباع سلوك التحدي في المراسلات الإدارية وعدم احترام التسلسل الإداري؛
6 . نهج أسلوب القدح عوض الاستفسار؛
7 . عدم مشاركتها في تحية العلم للتأخر عن موعد الدخول ...؛
8 . إقحام التلاميذ في الصراعات؛
9 . تريد أن تقود التغيير بهذه المؤسسة.... ؛
تلك بعض الملاحظات المتضمنة في التقرير السالف الذكر والتي وضعت تحت عنوان « الإخلال بالواجب المهني « لتبرير التهم الموجهة للأستاذة المعنية بالأمر، وعرض ملفها على المجلس التأديبي...
إن المطلع على هذا الملف، لا يحتاج إلى نباهة خارقة كي لا تنطلي عليه كثرة المصطلحات الكبيرة، المتكررة، التي تم حشرها في ثنايا التقارير التي أغرق بها الملف، وكي يستنتج، منذ القراءة الأولى، أن كل وثائق الملف يطغى عليها الاتهام الكيدي، والنية المبيتة، والافتراء، والتأويل المغرض،.. ، وأن الأستاذة (أ.ح) عانت، طيلة سنوات، من اضطهاد ممنهج، ومن ظلم ما بعده ظلم. وهو ما يتنافى ومنشور الوزير الأول رقم 2003 / 02 بتاريخ 10 / 3 / 2003 الذي يلزم الإدارة باحترام مقتضيات الظهير الشريف رقم 209 - 02 -1 بتاريخ 23 / 7 /2002، بتنفيذ القانون رقم 01 - 03، قصد تجسيد التوجهات الملكية الرامية إلى « الحد من البيروقراطية ومن غلو السلطة التقديرية للإدارة»، وربط المفهوم الجديد للسلطة بمفهوم الخدمة العامة وصيانة الحقوق وحفظ المصالح واحترام الحريات والقوانين». كما أنه ينسف جهود الورش المفتوح والمتجدد لإصلاح نظامنا التعليمي، في شتى جوانبه: التدبيرية والبيداغوجية والموارد البشرية والبنيات التحتية، وما يستدعيه ذلك من حشد لكل الطاقات لإنجاح الإصلاح. إضافة إلى أنه يتنافى والتطور غير المسبوق الذي تعرفه بلادنا، من خلال الأوراش التنموية الكبرى، بمختلف جهات المملكة، وفي مجال تكريس الديمقراطية وتوسيع هامش الحريات وترسيخ دولة المؤسسات،.. وتلك هي المفارقة التي تنطبق على مضمون هذا الملف الذي عرض على المجلس التأديبي بأكاديمية وزارة التربية الوطنية لجهة طنجة تطوان، حيث تحول كل شيء إلى ضده:
« اللا معقول أصبح معقولا، والمعقول لا معقولا، التخلف الفكري أصبح تقدما، والتقدم تخلفا، اللامسؤول أصبح مسؤولا، والمسؤول لا مسؤولا» ومستهترا... علما أن الأستاذة (أ.ح) ، ومن خلال معرفتي لها وهي ما تزال طفلة صغيرة ، اختارت مهنة التربية والتعليم، بعد نيلها شهادة الإجازة حول « أدب الطفل»، عن قناعة وليس بدافع الضرورة، وتمارسها بحب وشغف وبكل ما تستدعيه من تفان وجدية ومسؤولية. وهو ما أكدته الوثائق والمستندات التي أدلت بها، كحجج دامغة، خلال جلسة المجلس التأديبي، لتفنيد كل المزاعم والادعاءات والتهم الباطلة، الملفقة، التي نسبت لها. وتتمثل هذه الحجج، على سبيل المثال لا الحصر، في العناصر التالية:
1 . لباقة أسلوب مراسلاتها الإدارية واحترامها للضوابط الإدارية والقوانين الجاري بها العمل؛
2 . إثبات لعملية تزوير وثيقة إدارية من طرف إدارة المؤسسة ( وهو التزوير الذي رفضه الأستاذة وراسلت النائب الإقليمي في شأنه دون جدوى...)؛
3 . معطيات، بالأرقام، تثبت مساهمتها الفعلية وجهودها الفعالة في محاربة الهدر المدرسي بالمنطقة القروية التي كانت تعمل بها، معززة بلائحة أسماء فتيات وفتيان أقنعت أسرهم بإرجاعهم إلى المدرسة فنجحوا في مسارهم الدراسي بعد ذلك؛
4 . شواهد تقديرية لأعمال مسرحية وسينمائية، أنجزتها في إطار الأنشطة المندمجة، وقدمها تلامذتها أو شاركت بها، باسم المؤسسة التي كانت تعمل بها، في مناسبات مختلفة، على الصعيد الإقليمي والجهوي والوطني...؛
5 . أقراص مدمجة تبرز جهودها لتعزيز علاقة الأمهات والآباء بالمؤسسة التربوية ومحاربة الهدر المدرسي؛
6 . تقارير التفتيش لمدة 14 سنة (ما بين 1993 2007 )، تجمع كلها على «جدية ونشاط وطموح ...» الأستاذة في عملها. إلا أن كل هذه الوثائق والمستندات سحبت من الملف رغم أنها كانت مرفقة لتقرير المفتش العام الذي استقبل الأستاذة بالمصالح المركزية للوزارة. ومع ذلك، فقد تم عرض الحجج المذكورة، وثيقة وصوتا وصورة، أمام أعضاء المجلس التأديبي وضمها إلى الملف...
إن القرار الذي اقترحه المجلس التأديبي على مدير الأكاديمية، في ختام مداولاته، بعد يوم كامل من استعراض الحجج والدلائل التي كذبت كل ما لفق للأستاذة من تهم باطلة، كان قرارا خارج اختصاصات المجلس، استنادا إلى الفصل 66 السالف الذكر. وبدل الإقرار ببراءة الأستاذة مما نسب لها وحفظ الملف. ارتأى «ضرورة توبيخها» فقرر مدير الأكاديمية «توبيخ» الأستاذة دون احترام المقتضيات القانونية ذات الصلة...
لكن الحق يعلو ولا يعلى عليه، فقد أنصف القضاء الأستاذة، فهل تنصفها وزارة التربية الوطنية، وسيكون ذلك إنصافا لكل نساء ورجال التربية والتكوين النزهاء، الذين يتفانون في القيام بواجبهم المهني، ويعانون من الظلم ؛ وذلك من خلال:
أولا، رد الاعتبار، إداريا، للأستاذة (أ.ح) وجبر الضرر النفسي الناتج عن معاناتها من ظلم «إدارتها التربوية»، لمدة ليست قصيرة...
ثانيا، اتخاذ ما يلزم من إجراءات في حق المسؤولين الذين استخدموا الشطط في استعمال السلطة، وفي حق كل من تواطأ لإخفاء الحقيقة وفبركة ملف تضمن تهما باطلة، بعيدا كل البعد عن الموضوعية والأمانة التي تقتضيها مهنة التربية والتكوين...
ثالثا،مراجعة مقتضيات «دليل الشؤون التأديبية»، الصادر عن مديرية الموارد البشرية سنة 2004، والذي يشكل الإطار المرجعي في تدبير المجالس التأديبية، على أساس القاعدة القانونية،»المتهم برئ حتى تثبت إدانته»، وعلى أساس المبادئ العامة التالية:
1 . تحديد آجال معقولة لعرض الملف على المجلس التأديبي وللبت فيه؛
2 . ضمان حق المتهم للطعن في قرار المجلس قبل اللجوء للمحكمة الإدارية؛
3 . ضمان حق دفاع المتهم في الاطلاع على المحضر التفصيلي للجلسة / الجلسات؛
4 . اشتراط النزاهة والجدية والمصداقية والكفاءة والمسؤولية في عضوية لجان البحث والتقصي، النيابية والجهوية والمركزية. وهي اللجان التي يتم الاعتماد على تقاريرها
* ملحق الإدارة والاقتصاد بنيابة شفشاون
احميدة المبدي
وحيث أنني كنت شاهدا على سير أشغال المجلس التأديبي، بتاريخ 13 /01 / 2011، في الملف موضوع الحكم السالف الذكر، بصفتي مدافعا عن الضحية، ومن خلال الخلاصة الصادمة التي أتاحتها لي هذه التجربة، والمتمثلة في أن « المتهم مدان رغم براءته»، - بدل القاعدة القانونية: « المتهم برئ حتى تثبت إدانته»، - وهو المنطق العام الذي يكاد يشكل الخلفية الأساس لأشغال المجلس التأديبي، ولإصدار قرارات تأديبية في حق نساء ورجال التعليم المعروضة ملفاتهم على أنظاره، فقد انتظرت، منذ ذلك التاريخ، قرار المحكمة الإدارية، لكتابة هذا المقال قصد إبراز مدى الظلم الذي قد يتعرض له نساء ورجال التعليم بناء على ملفات مفبركة؛ وذلك من خلال الملف الذي حظيت بشرف الدفاع عن ضحيته. وهو الملف الذي تم طبخه على نار هادئة ما بين ماي 2009 و يناير 2011، وقد مرت عملية الطبخ هذه من المراحل الأساسية التالية:
1 . إمطار الأستاذة بعدد من الاستفسارات النيابية لا مبرر لها، سوى ممارسة الضغط الإداري عليها بغرض تركيعها،..؛
2 . قيام لجن نيابية بزيارتها وتحرير تقارير تزكي توجه الإدارة بعيدا عن كل موضوعية، بهدف تحضير الملف لعرضه على المجلس التأديبي ...( تقرير اللجنة النيابية بتاريخ27 / 4 / 2009 وآخر بتاريخ 08 / 5 / 2009)...؛
3 . قرار النائب الإقليمي، بتاريخ 22 / 6 / 2009، إحالة ملف الأستاذة على أنظار المجلس التأديبي ...
4 . ، تقرير المفتشية العامة الموجه للأكاديمية، بتاريخ01 / 02 / 2010، على إثر زيارة الأستاذة للمصالح المركزية للوزارة قصد التظلم مما يحاك ضدها، وهو التقرير الذي أعطى بعض الأمل للمعنية بالأمر في إنصافها نظرا للروح التربوية التي لمستها في تعامل المفتش العام الذي أنصت لشكواها بكل موضوعية ... إلا أن جميع الوثائق والمستندات، المرفقة بتقرير المفتش العام، والتي سلمتها له المعنية بالأمر خلال اللقاء لتفنيد مزاعم وادعاءات الإدارة الإقليمية، سحبت من الملف...؛
5 . قيام لجنة نيابية بزيارة الأستاذة بتاريخ 09 / 02 / 2010، وتحرير تقرير يؤكد مزاعم التقارير السابقة ...؛
6 . زيارة لجنة جهوية، بتاريخ 16 /3 / 2010، وصياغة تقرير حاول، ظاهريا، «إمساك العصى من الوسط «، من خلال إبرازه بعضا من الإيجابيات التربوية والبيداغوجية للأستاذة، معترفا ب»أدائها لواجبها بشكل منتظم»...؛
7 . زيارة لجنة مركزية من المفتشية العامة، بتاريخ 22 / 4 / 2010، تلبية لطلب المعنية بالأمر أملا في إنصافها ورفع الظلم المسلط عليها ...
غير أن تقرير هذه اللجنة أتى بعكس ما تقتضيه الموضوعية والأمانة التربوية، وأبان عن تحامل غير مبرر على المعنية بالأمر، فكان مجانبا للحقيقة وللصواب، وتضمن العديد من المغالطات والافتراءات والاستنتاجات الخاطئة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
1 . عدم قيام الأستاذة بواجبها المطلوب ... ؛
2 . الاستهتار بالمسؤولية المنوطة بها؛
3 . التعنت والغطرسة والامتناع عن القيام بالواجب؛
4 . الإخلال بالواجب المهني وتحدي القوانين والتشريعات؛
5 . اتباع سلوك التحدي في المراسلات الإدارية وعدم احترام التسلسل الإداري؛
6 . نهج أسلوب القدح عوض الاستفسار؛
7 . عدم مشاركتها في تحية العلم للتأخر عن موعد الدخول ...؛
8 . إقحام التلاميذ في الصراعات؛
9 . تريد أن تقود التغيير بهذه المؤسسة.... ؛
تلك بعض الملاحظات المتضمنة في التقرير السالف الذكر والتي وضعت تحت عنوان « الإخلال بالواجب المهني « لتبرير التهم الموجهة للأستاذة المعنية بالأمر، وعرض ملفها على المجلس التأديبي...
إن المطلع على هذا الملف، لا يحتاج إلى نباهة خارقة كي لا تنطلي عليه كثرة المصطلحات الكبيرة، المتكررة، التي تم حشرها في ثنايا التقارير التي أغرق بها الملف، وكي يستنتج، منذ القراءة الأولى، أن كل وثائق الملف يطغى عليها الاتهام الكيدي، والنية المبيتة، والافتراء، والتأويل المغرض،.. ، وأن الأستاذة (أ.ح) عانت، طيلة سنوات، من اضطهاد ممنهج، ومن ظلم ما بعده ظلم. وهو ما يتنافى ومنشور الوزير الأول رقم 2003 / 02 بتاريخ 10 / 3 / 2003 الذي يلزم الإدارة باحترام مقتضيات الظهير الشريف رقم 209 - 02 -1 بتاريخ 23 / 7 /2002، بتنفيذ القانون رقم 01 - 03، قصد تجسيد التوجهات الملكية الرامية إلى « الحد من البيروقراطية ومن غلو السلطة التقديرية للإدارة»، وربط المفهوم الجديد للسلطة بمفهوم الخدمة العامة وصيانة الحقوق وحفظ المصالح واحترام الحريات والقوانين». كما أنه ينسف جهود الورش المفتوح والمتجدد لإصلاح نظامنا التعليمي، في شتى جوانبه: التدبيرية والبيداغوجية والموارد البشرية والبنيات التحتية، وما يستدعيه ذلك من حشد لكل الطاقات لإنجاح الإصلاح. إضافة إلى أنه يتنافى والتطور غير المسبوق الذي تعرفه بلادنا، من خلال الأوراش التنموية الكبرى، بمختلف جهات المملكة، وفي مجال تكريس الديمقراطية وتوسيع هامش الحريات وترسيخ دولة المؤسسات،.. وتلك هي المفارقة التي تنطبق على مضمون هذا الملف الذي عرض على المجلس التأديبي بأكاديمية وزارة التربية الوطنية لجهة طنجة تطوان، حيث تحول كل شيء إلى ضده:
« اللا معقول أصبح معقولا، والمعقول لا معقولا، التخلف الفكري أصبح تقدما، والتقدم تخلفا، اللامسؤول أصبح مسؤولا، والمسؤول لا مسؤولا» ومستهترا... علما أن الأستاذة (أ.ح) ، ومن خلال معرفتي لها وهي ما تزال طفلة صغيرة ، اختارت مهنة التربية والتعليم، بعد نيلها شهادة الإجازة حول « أدب الطفل»، عن قناعة وليس بدافع الضرورة، وتمارسها بحب وشغف وبكل ما تستدعيه من تفان وجدية ومسؤولية. وهو ما أكدته الوثائق والمستندات التي أدلت بها، كحجج دامغة، خلال جلسة المجلس التأديبي، لتفنيد كل المزاعم والادعاءات والتهم الباطلة، الملفقة، التي نسبت لها. وتتمثل هذه الحجج، على سبيل المثال لا الحصر، في العناصر التالية:
1 . لباقة أسلوب مراسلاتها الإدارية واحترامها للضوابط الإدارية والقوانين الجاري بها العمل؛
2 . إثبات لعملية تزوير وثيقة إدارية من طرف إدارة المؤسسة ( وهو التزوير الذي رفضه الأستاذة وراسلت النائب الإقليمي في شأنه دون جدوى...)؛
3 . معطيات، بالأرقام، تثبت مساهمتها الفعلية وجهودها الفعالة في محاربة الهدر المدرسي بالمنطقة القروية التي كانت تعمل بها، معززة بلائحة أسماء فتيات وفتيان أقنعت أسرهم بإرجاعهم إلى المدرسة فنجحوا في مسارهم الدراسي بعد ذلك؛
4 . شواهد تقديرية لأعمال مسرحية وسينمائية، أنجزتها في إطار الأنشطة المندمجة، وقدمها تلامذتها أو شاركت بها، باسم المؤسسة التي كانت تعمل بها، في مناسبات مختلفة، على الصعيد الإقليمي والجهوي والوطني...؛
5 . أقراص مدمجة تبرز جهودها لتعزيز علاقة الأمهات والآباء بالمؤسسة التربوية ومحاربة الهدر المدرسي؛
6 . تقارير التفتيش لمدة 14 سنة (ما بين 1993 2007 )، تجمع كلها على «جدية ونشاط وطموح ...» الأستاذة في عملها. إلا أن كل هذه الوثائق والمستندات سحبت من الملف رغم أنها كانت مرفقة لتقرير المفتش العام الذي استقبل الأستاذة بالمصالح المركزية للوزارة. ومع ذلك، فقد تم عرض الحجج المذكورة، وثيقة وصوتا وصورة، أمام أعضاء المجلس التأديبي وضمها إلى الملف...
إن القرار الذي اقترحه المجلس التأديبي على مدير الأكاديمية، في ختام مداولاته، بعد يوم كامل من استعراض الحجج والدلائل التي كذبت كل ما لفق للأستاذة من تهم باطلة، كان قرارا خارج اختصاصات المجلس، استنادا إلى الفصل 66 السالف الذكر. وبدل الإقرار ببراءة الأستاذة مما نسب لها وحفظ الملف. ارتأى «ضرورة توبيخها» فقرر مدير الأكاديمية «توبيخ» الأستاذة دون احترام المقتضيات القانونية ذات الصلة...
لكن الحق يعلو ولا يعلى عليه، فقد أنصف القضاء الأستاذة، فهل تنصفها وزارة التربية الوطنية، وسيكون ذلك إنصافا لكل نساء ورجال التربية والتكوين النزهاء، الذين يتفانون في القيام بواجبهم المهني، ويعانون من الظلم ؛ وذلك من خلال:
أولا، رد الاعتبار، إداريا، للأستاذة (أ.ح) وجبر الضرر النفسي الناتج عن معاناتها من ظلم «إدارتها التربوية»، لمدة ليست قصيرة...
ثانيا، اتخاذ ما يلزم من إجراءات في حق المسؤولين الذين استخدموا الشطط في استعمال السلطة، وفي حق كل من تواطأ لإخفاء الحقيقة وفبركة ملف تضمن تهما باطلة، بعيدا كل البعد عن الموضوعية والأمانة التي تقتضيها مهنة التربية والتكوين...
ثالثا،مراجعة مقتضيات «دليل الشؤون التأديبية»، الصادر عن مديرية الموارد البشرية سنة 2004، والذي يشكل الإطار المرجعي في تدبير المجالس التأديبية، على أساس القاعدة القانونية،»المتهم برئ حتى تثبت إدانته»، وعلى أساس المبادئ العامة التالية:
1 . تحديد آجال معقولة لعرض الملف على المجلس التأديبي وللبت فيه؛
2 . ضمان حق المتهم للطعن في قرار المجلس قبل اللجوء للمحكمة الإدارية؛
3 . ضمان حق دفاع المتهم في الاطلاع على المحضر التفصيلي للجلسة / الجلسات؛
4 . اشتراط النزاهة والجدية والمصداقية والكفاءة والمسؤولية في عضوية لجان البحث والتقصي، النيابية والجهوية والمركزية. وهي اللجان التي يتم الاعتماد على تقاريرها
* ملحق الإدارة والاقتصاد بنيابة شفشاون
احميدة المبدي
إرسال تعليق