مع بدَاية الموسم الدراسِي المنصرم، في سبتمبر من عام 2012، شدَّ يونس مغنوج، الذي تخرج من المركز الجهوي للتكوين، حينها، بمكناس، الرحَال صوبَ نيابَة الناظور، حيث عين في بن طيب، بثانوية إعدادية. بعدَ عشرة أشهر من العمل بعيداً عن الأهل، يعودُ يونس ليقضيَ العطلة في يوليوز الحالي، إلى جانب أهله في عين تاوجطات، دون أن يتلقَّى أجراً نظير العمل الذِي قامَ به طيلة الموسم..حكَاية يونس تضارعها حكاياتُ آلاف من الأساتذة يعملون الموسم الدراسي بأكلمه، في انتظَار صرف رواتبهم، أو "الرابيل"، الذِي يسددون به في الغالب ما كانُوا قد راكموه من ديون.
يونس يقولُ في حديث لهسبريس، إنَّ ما من شيءٍ يسوغ تأخير الوزارة صرف الرواتب، حتى نهاية الموسم الدراسي، لأنَّ الأساتذة المعينين حديثاً، بعيداً عن عائلاتهم يواجهون مصاريف العيش في مدن بعيدة ، تظطر الكثيرين منهم إلى الاستدانَة من أجل تدبر الأمور، وهو ما ينعكسُ على نفسيَّة الأستاذ وأدائه لواجبه.
في نفس المنحَى، يقول عبد الرحمن (اسم مستعار)، المعين فِي إحدى قرى إقليم الحسيمَة، إنَّه لم يتلقَ أجره السنة الماضيَة، إلَّا في شهر غشت، متحدثاً عن زملاء متزوجين، وجدوا صعوبة كبيرة في تدبر الأمور، بعدما تركوا مهن أخرى كانوا يزاولونها قبل الالتحاق بالتعليم في إطار التوظيف المباشر.
عن التأخر في صرف الرواتب، بالنسبة إلى الخريجين الجدد، الذِين اشتغلُوا طيلة الموسم المشارف على نهايته، يقول نقابي رفض الكشف عن اسمه، إنَّ سابقة حصلت في موسم 2012-2013، بحيث لم يسبق أن حصل أستاذ معين حديثا، على راتبه بعد شهر من العمل، إذ إنَّ هناك من بدأ العمل في شتنبر وتلقى مستحقاته في أكتوبر أو نونبر، بعدما بدأت الدولة صرف الرواتب بإعطاء الأولوية للمعينين في المناطق النائيَة، كالمعينين في طاطا وزاكورة، أمَّا في المرحلة الثانية، فتم استهداف أقاليم أخرى شبه نائيَة، فيما ترك الموظفون في مناطق كتاونات وطنجَة والفحص أنجرة وبرشيد إلى الطور الأخير.
ومع المجموعة الأخيرة من الأساتذة الجدد الذين لم يستلموا رواتبهم، أثيرت مشكلة المناصب الماليَّة للخريجين، مع المناصب الماليَّة لمن وظفوا بشكل مباشر خلال حكومة عباس الفاسي، إلى أن مررت الحكومة مرسوماً استثنائياً، وأعادت إليهم المناصب المالية، موفرة ميزانية من رئاسة الحكومة، كي يتم دفع أجور الأساتذة على دفعتين، الدفعة الأولى من سبتمبر إلى نهاية دجنبر، والدفعة الثانية من بداية العام الجاري إلى غاية يونيو. وهي عملية لم يتم اللجوء إليها نهائيا فيما مضى، بتفييء الخريجين إلى فئتين اثنتين.
من جانبه، يرى عبد الإله الدحمان، نائب الكاتب العام للجامعة الوطنيَّة لموظفِي التعليم، في تصريح لهسبريس، أنَّ كل ما يرتبط بالمساطر التي تم إعمالها قصدَ تسوية وضعيَّة الأساتذة الذِين لم يتلقوا رواتبهم حتى اللحظة، لا يمكن أن يبرر وجود جملة من نساء ورجال التعليم لم يتلقوا رواتبهم إلى الآن، وَيعيشون على إثر ذلك ظروفاً مادية واجتماعية قاسية بعد عام من العمل.
لقد كان حرياً بوزارة التربية الوطنية، حسب دحمان، قبل مقاربة الموضوع بإشكالات المسطرة المتبعة، أن لا تلجأ إلى الإبداع من قبيل اعتماد التدرج في صرف المستحقات، والاستناد إلى المناطق التي يعمل بها الأساتذة، إذَا ما كانت نائيَة أو غير ذلك، كمعيار.
فهذَا المنطق، يقول النقابي، وإن كان يخففُ على شغيلة التعليم في بعض المناطق النائية، إلَّا أنه لم يرفع المعاناة عن الشغيلة المتواجدة بالقرب من الإدارة المركزيَّة، لأن الأساتذة الجدد المتواجدين في مناطق غير نائية، لا يملكون بدورهم، التغطية المادية للعيش بعيدا عن بيوتهم، كما أن من شأن عدم صرف الرواتب التأثير على الأداء الوظيفِي للأستاذ، واستناداً غلى ما ذكر، فإن النقابة، حسب الدحمان، لا يمكن أن تقبل بالمقاربات المتعددة، لأن المنطق يقتضي تسليم الأجر مقابل العمل، فالأساتذة الجدد مارسُوا مهاهم في ظروف عادية وكان على وزارة التربية الوطنية أن تسارع إلى تسليمهم الأجور في وقتٍ واحد، دون أي تمييز، مهمَا كانت مسوغاته.
وعما إذَا كان الإشكالُ قد أثير مع الوزارة الوصية، أردف الدحمان إنَّ مشكل تأخر تسليم الرواتب للأستاذة نوقش غير ما مرة في الحوارات التي تم عقدها مع الوزارة، بحيث ان الضغط الذِي مورس هو الذي عجل بإصدار المرسوم الاسثنائي، فيما يجدر بالوزارة، حالياً أن تسوي وضع مجموعة كبيرة من الاساتذة.، بحيث أنه إذَا ما استثنِي الأساتذة الذين سويت أوضاعهم من العاملين في المناطق النائية، فإنَّ حوالي أكثر من 40 أو 50 بالمائة من الخريجين لا زالُوا ينتظرون تلقي أجورهم بعد موسم كامل من العمل.
المصدر :موقع هسبريس

إرسال تعليق

 
Top