بقلم: نهاري امبارك مفتش التوجيه التربوي
حيث تعتمد منظومة التوجيه ببلادنا المقاربة التربوية، متمحورة حول التلميذ الذي تضعه منظومة التربية والتكوين
في قلب مختلف العمليات التربوية، على الخصوص، باعتماد الوسائل المادية والبشرية، المنصوص عليها في مختلف النصوص التنظيمية، فإن الإعلام المدرسي والجامعي والمهني يعد أحد المكونات الأساسية التي تنبني عليها جميع أنشطة التوجيه التربوي، إلى درجة أنه، يمكن الجزم ألا توجيه بدون إعلام في الوقت الحاضر حيث التحولات والتغيرات متسارعة، والأحداث اليومية متواترة، كما أن الموارد البشرية التي تعتبر المحرك الأساسي لمختلف العمليات التربوية والإدارية بالمؤسسة التعليمية، تجعل منهم النصوص المنظمة، فرقاء متدخلين مساهمين في جميع عمليات الإعلام والمساعدة على التوجيه. فالإعلام المدرسي والجامعي والمهني يتطلب وسائل ومعينات بيداغوجية متنوعة ورقية، كانت أم إلكترونية، مسايرة للتطور والحداثة تكنولوجيا وتقنيا.
أما المتدخلون، على اختلاف مواقعهم ونوعية العمليات والأنشطة المنوطة بهم، ومساهماتهم، ومساعدة المستشارفي التوجيه التربوي، فإن أدوارهم محورية لمساعدة التلاميذ في كل ما يحتاجون إليه، تربويا وخصوصا، إداريا، من أجل تسريع وتيرة إنجاز مختلف العمليات المحددة زمانا ومكانا.
انطلاقا من هذه التوطئة المقتضبة، فالإشكالية المحورية المتناولة لموضوع الإعلام المدرسي والجامعي والمهني بين الالتباس والارتجال، تبدو مركبة وتنبني على مجموعة أسئلة فرعية نحاول إبرازها لاحقا، حتى يلمس المتتبع للعمليات التربوية عموما، وأنشطة الإعلام المدرسي والجامعي والمهني خصوصا، التداخلات والارتجالات والالتباسات التي تشوب وسائل الإعلام المدرسي والمهني والجامعي وتخل بالعملية ككل، كما تشوب أدوار المتدخلين في مختلف محطات ومراحل التنفيذ المؤثرة في مختلف الأهداف المسطرة، والمنعكسة على التلاميذ استيعابا وفهما وإنجازا:
¨ فما هي وسائل الإعلام المدرسي والمهني والجامعي المعتمدة لتزويد التلاميذ بمختلف المعلومات حول مختلف الدراسات والتكوينات والمؤسسات الجامعية ومؤسسات تكوين الأطر؟
¨ ومتى ينطلق الاشتغال بها أو عليها بالمؤسسات التعليمية وتوضع كمعينات بيداغوجية بين يدي التلاميذ والفرقاء التربويين؟
¨ وكيف يتعامل معها التلاميذ والفرقاء التربويون في إطار الاختلالات والالتباسات والتغييرات الطارئة والمباغثة خلال فترات حرجة؟
¨ وما موقع المستشار في التوجيه التربوي في إطار هذا اليم ذي الأمواج العاتية المتلاطمة، من إعلانات عن مباريات وإعلام وشروط ترشيح، وكيفية الترشيح، ومساطر اللانتقاء والولوج، وتكوينات ودراسات، وتخرج، ومجالات، وسوق الشغل، وظروف العمل، والاندماج في الحياة العملية، والأجور، والمكانة الاجتماعية.......؟
من خلال مواكبتنا لمختلف العمليات، ومعايشتنا لمختلف الأحداث المتعلقة بالإعلام المدرسي والجامعي والمهني ومستتبعاتها، وما يترتب عنها من اضطرابات وانفعالات وتفاعلات كل من التلاميذ والشركاء التربويين، سنحاول نشر وتحليل واقع هذه الأحداث، قدر المستطاع، انطلاقا من الملاحظة الميدانية لتعدد العمليات وتداخلها، وأحيانا تناقضها، وتصريحات التلاميذ والفرقاء المعبرة، والنتائج المتوصل إليها والمحققة منها، من أجل تنظيم دراسات ميدانية في الموضوع، والبحث عن الحلول والبدائل المناسبة لتطوير عمليات الإعلام المدرسي والجامعي والمهني ميدانيا والارتقاء بها وجعلها عمليات تربوية تعد التلميذ، وتستجيب لحاجياته باعتماد مناهج تربوية ووسائل ديداكتيكية ناجعة تنمي، في هذا المجال، قدراته وكفاياته الشخصية؛
- I.وسائل المدرسي والإعلام الجامعي والمهني:
- 1.الإعلام الورقي:
تتشكل الدعائم الإعلامية الورقية من عدة وثائق تتنوع حسب الشكل والمضمون والأهداف، فمنها:
- vالملصقات: تقدم معلومات مقتضبة ومركزة إلى حد ما، لكن لا تشفي غليل المتلقي، نظرا لافتقادها لعدة تفاصيل جوهرية، تلصق بالمؤسسات التعليمية على سبورة الإعلام وتنشر للعموم، تلاميذ وأمهات وآباء وأولياء التلاميذ؛
- vالمطويات: وثيقة في شكل ورقة عادية، لكنها مطوية كما يدل على ذلك اسمها، وتتضمن أربع صفحات، أو ستة أو أكثر صغيرة الحجم، أحيانا صعبة القراءة، ولا تشمل كل ما يرغب فيه التلميذ، فهي بمثابة دعوة، أو إثارة انتباه المعنيين للمزيد من التساؤل والبحث لدى الجهات والمصادر المنتجة لهذه المطويات؛
- vالدلائل: كتيبات أو كتب تختلف أحجامها من الصغير إلى الكبير ، وتتضمن عدة معلومات مفصلة حول مختلف ميادين ومجالات الدراسة والتكوين والمنح الدراسية، تنتجها جهات ومؤسسات رسمية ومسئولة إداريا وتعليميا ومدرسيا وتربويا.
- 2.الإعلام الإلكتروني:
لقد تعددت المواقع الإلكترونية التي نسب أصحابها والمشرفون عليها إلى أنفسهم، التخصص في مجال الإعلام المدرسي والمهني والجامعي، وتنوعت أشكالها وأشكال صفحاتها وكيفية ولوجها: فمنها سهلة الولوج وبشكل مباشر، ومنها صعبة الولوج، سمتها اللف الدوران بين متاهات وصفحات كثيرة وروابط وإحالات على مواقع متصلة بها، إلى درجة ملل ويأس الزائر الذي يغادرها خاوي الوفاض نادما على وقت ضاع منه.
- 3.الإعلام السمعي والبصري:
تخصص الإذاعة وخاصة التلفزة بعض الوصلات المتعلقة بالمجال الدراسي والتكويني، في أوقات، غالبا بعيدة عن ذروة الاستماع والمشاهدة، ودون سابق إعلان كاف وشامل، تتناول بعض التكوينات وإعلانات عن مواعيد مباريات وندوات أو لقاءات تربوية وثقافية.
- 4.التظاهرات الإعلامية:
تنظم الجمعية المغربية لأطر التوجيه والتخطيط التربوي، وطنيا وجهويا عبر فروعها أيام الإعلام والتوجيه المدرسي والمهني والجامعي بتنسيق مع بعض المؤسسات والجهات ذات المسئولية التعليمية والتكوينية، تحضرها وتساهم فيها مؤسسات تعليمية وتكوينية عمومية وخصوصية، تقدم عروضها المدرسية والتكوينية، حسب طريقتها الخاصة وأهدافها.
ملحوظة حول وسائل أخرى: هناك بعض الصحف والجرائد الوطنية تقدم إعلانات مقتضبة حول المسالك الدراسية والتكوينية.
- II.الفاعلون الداخليون:
من المفروض أن تسهم، إلى جانب المستشار في التوجيه التربوي، الأطر الإدارية والتربوية في تفعيل عمليات الإعلام المدرسي والجامعي والمهني، وتساعده في مختلف الأنشطة ذات الصلة، وذلك حسب مواقعهم والمهام الموكولة إليهم:
- 1.أدوار الأطر التربوية:
تعتبر الأطر التربوية عناصر فاعلة محورية في وضع بين يدي التلاميذ وسائل تربوية ناجعة للبحث عن المعلومات التي يرغبون فيها وكيفية معالجتها واستعمالها وذلك باعتماد البرامج المقررة واستغلال محتوياتها من أجل تعريف التلاميذ بمختلف المهن والمجالات الحياتية من خلال الدروس الملقنة، التي لا تخلو من اكتشاف ومعرفة المهن السائدة في المجتمع وفي مختلف القطاعات. من ثم، تسهم الأطر التربوية في تنمية الرصيد المعرفي حول المهن عند التلاميذ، وإذكاء حب المعرفة لديهم، باعتماد مصطلحات ترتبط بمجالات الإعلام المدرسي والمهني والجامعي، وسوق الشغل والحياة العملية والمؤسسات الدراسية والتكوينية والاختراعات العلمية والتكنولوجية، من أجل حفز التلاميذ وتربيتهم على الاستعلام واعتيادهم وتدريبهم على التعامل بسهولة مع مضامين المذكرات الإعلامية والإعلانات عن المباريات للاندماج في الحياة المجتمعية وانفتاحهم على المحيط الاجتماعي والاقتصادي.
- 2.أدوار الأطر الإدارية:
باعتباره المتخصص في مجال الإعلام والمساعدة على التوجيه، فالمستشار في التوجيه التربوي يلعب، على الخصوص، دور المنسق بين مختلف الأطر الإدارية داخل المؤسسة التعليمية حتى تسير مختلف أنشطة الإعلام الجامعي والمهني سيرا عاديا نحو تحقيق الأهداف المنتظرة من هذه العمليات، وذلك كما يلي:
- vيستقبل مدير المؤسسة جميع المراسلات، ومنها تلك التي تتصل بالإعلام الجامعي والمهني، ويقوم بنسخ منها الأعداد الكافية، ويضع منها على سبورة الإعلام ما مطلوب إلصاقه، ويوزع منها، عن طريق الناظر (بالثانوي التأهيلي)، ما يمكن تسليمه إلى الحراسة العامة، من مذكرات وإعلانات ودعائم إعلامية ومطبوعات الترشيح لولوج التلاميذ مختلف المسالك الدراسية والتخصصات المهنية بمؤسسات تكوين الأطر والمؤسسات الجامعية والتكوينية.
- vينظم الحارس العام جولات داخل الأقسام المسندة إليه، ليقوم أساسا بحفز التلاميذ على الانخراط الفعلي في عمليات الإعلام الجامعي والمهني، فيوزع الوثائق المتوفرة، ويبرز الأهداف منها، ويفسر كيفية التعامل معها، ويحيل التلاميذ على مصادر المعلومات المادية( المذكرات ومواقع الأنترنيت المتوفرة) والبشرية(المستشار في التوجيه التربوي، المسئولون بالمركز الجهوي/الإقليمي للإعلام والمساعدة على التوجيه، المسئول عن مكتب الإعلام والتوجيه، المسئولون عن المؤسسات الدراسية والمهنية الموجودة بالمنطقة). كما يعمل على جمع الترشيحات في الآجال المحددة ويقوم بالإجرءات المطلوبة( التحقق من مختلف المعلومات، إنجاز لوائح المترشحين، إعداد قرص مدمج، تسليم العمل المنجز إلى مدير المؤسسة).
III.الالتباسات والارتجالات والاختلالات:
- 1.المذكرات المنظمة:
تتعدد المذكرات التنظيمية بتعدد مصادرها، حيث تتوزع حسب ميادين وقطاعات كثيرة، إذ يصدر كل قطاع أكثر من مذكرة تختلف باختلاف المستويات الدراسية المطلوبة والتكوينات المستهدفة ومراكز التكوين الممركزة بجهة معينة، أو الموزعة جغرافيا على الصعيد الوطني. وما يلفت النظر، أو ما يطبع هذه المذكرات ورودها متأخرة على المؤسسات التعليمية وفي الشهور الأخيرة من السنة الدراسية.
ومن خلال نظرة موجزة وبسيطة على هذه المذكرات ومن خلال تصريحات الفرقاء التربويين والتلاميذ وأولياء أمورهم، يمكن لمس:
¨ أهداف التكوينات مختلفة ومتباينة من حيث الشكل والنوع والصيغ التعبيرية والمصطلحات المعتمدة المتعددة، تضع المترشح في حيرة من أمره أمام مفردات قابلة لتأويلات وتصورات متنوعة، يعجز عن ملامستها ثقافيا واجتماعيا؛
¨ شروط الترشيح، التي تترجمها لائحة طويلة تطال عناصر متعددة تتوزع بين ما هو جسمي وجسدي وشخصي وما هو نفسي ومدرسي واجتماعي وقضائي ورياضي، يخالها التلاميذ تعجيزية، لتنوعها وشموليتها لمجالات كثيرة، تبدو للمترشح بعيدة التحقيق، وتتسم بصعوبة تقدير مدى توفرها واستجابتها للمطلوب.
¨ ملف الترشيح الذي يتكون من وثائق كثيرة، يتراوح عددها بين 5 و16، تتطلب وقتا كثيرا، وتنقلات بين مؤسسات متعددة، وأحيانا أسفارا وقطع مسافات طوالا ومشاورات واتصالات في فترة حرجة من السنة الدراسية. إن هذا الوقت الذي يتطلبه إعداد هذه الوثائق المتنوعة ينتزعه التلميذ المترشح من وقته الثمين الذي يجب إنفاقه في إتمام المقررات، وإنجاز الفروض وتثبيت الدروس المنجزة ومراجعتها واستيعابها، إلى درجة أنه يتخلى عن الترشيح ويركز اهتمامه على حصوله أولا على شهادة البكالوريا التي تؤرق مضجعه، والتي تتطلب استعدادات كبيرة. لهذه الأسباب نجد تلاميذ كثرا يهرولون نحو عدة مؤسسات مباشرة بعد الإعلان عن النتائج النهائية للبكالوريا، حيث يصطدمون بانصرام تقريبا حميع آجال الترشيحات لمختلف مباريات ولوج مؤسسات تكوين الأطر، ذات الاستقطاب المحدود، ليتجهوا إلى المؤسسات الجامعية(الكليات) ذات الاستقطاب المفتوح.
- 2.الترشيح:
أما التلاميذ الذين تسعفهم ظروف خاصة، ويتغلبون على مختلف الصعوبات، حيث يجدون مساعدات من أطراف أفراد أسرتهم أو أشخاص آخرين، فيعدون أكثر من ملف ترشيح، قد يتجاوز عدد هذه الترشيحات الخمسة مختلفة المجلات ومتباينة وغير منسجمة ولا تترجم أي تصور لمشروع شخصي متكامل ومعد مسبقا، همهم الوحيد، أو هدفهم الوحيد الحصول على شيء ما قد يختلف اختلافا كبيرا وميولاتهم وتوجهاتهم الشخصية.
- 3.كيفية القبول:
يخضع ولوج عدة مؤسسات مدرسية أو تكوينية إلى مسطرة متعددة الإجراءات والمراحل: فمن الانتقاءات الأولية، حسب المعلومات المتوفرة بملفات الرشيح، إلى الاختبارات الكتابية التي يمكن أن تتخذ عدة أشكال حسب أهداف الدراسة أو التكوين: ترجمة، تحليل نص، كتابة موضوع إنشائي، إنجاز تمارين في المواد العلمية، اختبارات سيكوتقنية، اختبارات تطبيقية في الرياضة والتربية البدنية أو الرسم أو الصباغة و غير ذلك.
- 4.مواقع الأنترنيت:
أضحت، في الوقت الراهن عدة مذكرات أو إعلانات عن مباريات تحيل التلاميذ والطلبة على مواقع على الأنترنيت، مشيرة إلى حصولهم على مزيد من المعلومات حول الموضوع المتناول أو القيام بالترشيح عبر بوابة خاصة، أو تحميل مطبوعات الترشيح أو التعرف على الآفاق المستقبلية وسوق الشغل أو التدرب على تمارين ومواضيع مباريات مشابهة. ما أروع الوسائل الحديثة للتواصل !!!؛ لكن ما أكثر تعقيدات تقنيات وبنيات واستعمال بعضها وطريقة التعامل مع مختلف صفحاتها الكثيرة الروابط والإحالات. ويلاحظ المتتبعون والتلاميذ أن هذه المواقع تلتجئ عن قصد إلى إغراق زوارها في أنهار جارفة من المعلومات التي تتطلب وقتا وافرا من أوقات التلاميذ القيمة في هذه الفترات الحرجة من السنة الدراسية.
- 5.التصحيحات والاستدراكات:
وكثيرا ما تلتجئ بعض الجهات إلى إصدار استدراكات لتصحيح وتعديل مضامين المذكرات الصادرة التي اشتغل عليها المترشحون، وذلك بحذف أو زيادة معلومات، ما يربك المعبرين عن ترشيحاتهم، وما يزيد من التساؤلات والاستفسارات لدى العديد من المترشحين ما يؤدي إلى حيرة وتردد وشكوك واضطرابات لدى التلاميذ والطلبة وأولياء أمورهم، إلى درجة تصريحهم بفقدان الثقة في الترشيحات والمباريات.
IV.قرارات التلاميذ المرتجلة والمتسرعة:
في خضم سيل جارف من المذكرات المتقاطرة في نفس الفترة الزمنية، يجد التلميذ نفسه أمام عبء ثقيل، لتنهال عليه أسئلة كثيرة ومؤرقة:
- 1.أين تتمثل مواصفات مشروعي الشخصي الذي طالما بلورته وبنيته؟
- 2.كيف أطبق وأستعمل مناهج وطرائق الاختيار التي ناقشناها واطلعنا على مراحلها في أكثر من مناسبة؟
- 3.وما هي حاليا وفي فترة وجيزة أنجع طريقة للقيام باختيار نوع الدراسة أو التكوين المناسب لقدراتي الفكرية والجسمية وميولاتي الشخصية؟
بعد حيرة وتردد وأحيانا قلق وتوتر، وقيامه باتصالات وتشاورات عديدة مع أطراف مختلفة ذات الصلة بمجال التربية والتكوين عموما، ومجال الإعلام والمساعدة على التوجيه خصوصا، يلتجئ التلميذ إلى أسهل طريقة أو، في نظره، أنجعها، خصوصا عندما يلمس أن معالم مشروعه الشخصي قد تلاشت وسط أكوام من الاختيارات التي يجب التعبير عن أحدها أو بعضها في وقت وجيز، فيتجه نحو ضربة حظ، عوض العمل على تحقيق أهداف كان قد رسمها لنفسه، لما تبينت له العقبات والصعوبات، وحين اصطدم بواقع الشروط ومساطر الانتقاء وكيفيات الولوج، ليعبر عن عدة اختيارات قد لا يوجد أي رابط بينها لرفع نسبة حظه، حتى تمسك إحدى الصنارات بسمكة ما، أو ما شابه، وبعد القبول النهائي، تمر الدراسة أو التكوين، فيدرس الطالب أو يتكون، ويلتحق بالعمل ويتأقلم وتستمر الحياة....
- V.موقع المستشار في التوجيه التربوي:
في إطار مختلف العمليات المرتبطة بالإعلام المدرسي والمهني والجامعي، يعتبر المستشار في التوجيه التربوي الفاعل الأساسي والمنسق المحوري لمختلف الأنشطة وخاصة مع مدير المؤسسة والناظر، فيقوم عموما بالعمليات التالية:
1- استقبال التلاميذ وأولياء أمورهم وعقد لقاءات فردية أو جماعية معهم:
ينظم المستشار في التوجيه التربوي لقاءات فردية أو جماعية مع التلاميذ من أجل الإجابة على مختلف تساؤلاتهم وإطلاعهم على مختلف العروض ومستجداتها ومواصفاتها، بدء من أهداف كل دراسة أو تخصص إلى دبلوم التخرج والحياة العملية، مرورا بالشروط المطلوبة، وملفات الترشيح وإجراءات الانتقاءات والمباريات والقبول؛
2- الاتصال بالمصادر الموثوقة ورفع الالتباسات:
إن ما يربك هذه العمليات، المعلومات المتناقضة وغير التامة أحيانا، والإشاعات المتداولة اجتماعيا وثقافيا بين أفراد المجتمع والتي تؤثر سلبا على السير العادي لمختلف الأنشطة، حيث يصطدم المستشار في التوجيه التربوي بصعوبات جمة لمحو الأفكار والتصورات النمطية وتصحيح التمثلات لدى التلاميذ، باعتماد الطرائق والوسائل التربوية الناجعة، وذلك بالرجوع إلى مصادر المعلومات والقيام بمقارنات متعددة باعتماد منطق التحكم في الوضعيات المطروحة؛
3- التنسيق المستمر مع الأطر الإدارية:
يعتبر رئيس المؤسسة المسئول الرسمي على السير العادي لمختلف العمليات الإدارية والتربوية، وذلك بتنسيق مستمر مع الناظر هذا الذي يقوم باتصالات دائمة ومباشرة بالحراس العامين:
يتم تزويد كل حارس عام بالوثائق والدعائم المطلوبة واللازمة: يوزعها على التلاميذ ويقدم التوجيهات الضرورية ويسهم، قدر الإمكان، في التصحيحات ورفع كل الالتباسات، ويجمع الترشيحات ويراقبها ويرتبها ويسلمها إلى مدير المؤسسة؛
تجنبا لكل ارتجال أو تأثيرات سلبية، تقوم الإدارة بإنجاز العمليات المطلوبة بتسيق مع المستشار في التوجيه التربوي: القيام بمراسلات بعد مراجعة ملفات ترشيحات التلاميذ والقيام بالإجراءات الإدارية، أو تشكيل لجن عمل وتحديد أدوارها تشتغل بتعاون وتحت إشراف المستشار في التوجيه التربوي، وذلك من قبيل إنجاز عمليات الانتقاء الأولي، وإعداد لوائح التلاميذ المترشحين لولوج الأقسام التحضيرية للمعاهد والمدارس العليا، أو ولوج أقسام تحضير شهادة التقني العالي، أو ما شابه من العمليات الخاصة بشؤون التلاميذ....
VI.خاتمة ومقترحات:
رغم الحزم المتواصل من طرف جميع شركاء العملية التربوية والسهر على مختلف عمليات الإعلام المدرسي والمهني والجامعي، فإن أغلب هذه العمليات تتسم بالتباسات وتشوبها ارتجالات تؤثر سلبا على جميع الفرقاء التربويين من تلاميذ وأولياء أمورهم والأطر الإدارية والتربوية والمستشار في التوجيه التربوي:
1- تأخر الدعائم الإعلامية، وخصوصا منها دليل الإعلام والتوجيه:
في انتظار التوصل بهذه الدلائل، يلتجئ المستشار في التوجيه التربوي، منذ انطلاق السنة الدراسية، إلى تحيين المعلومات السابقة، فينجز دعائم إعلامية يستأنس بها التلاميذ من أجل تشكيل بعض الأفكار حول مختلف المسارات الدراسية والتكوينية التي تتأسس عليها منظومة التربية والتكوين.
ولما ترد هذه الدلائل الإعلامية على المؤسسات التعليمية يتم توزيعها على التلاميذ مع تزويدهم بتفسيرات وتوضيحات إضافية، حيث تشمل عدة معلومات حول مختلف الدراسات والتكوينات ولكن لا يمكن اعتمادها لإعداد ملفات الترشيح وإرسالها إلى المؤسسات الدراسية والتكوينية.
مما لا شك في أن الدعائم الإعلامية تشكل رافعة أساسية لمكون الإعلام المدرسي والمهني والجامعي، حيث تحتل مكانة قصوى في الحياة الدراسية للتلميذ والطالب، وستهم في تربيته على الاستعلام وتحليل المعلومة واستعمالها، فإن تزويد التلاميذ بهذه الدلائل وجب أن يتم منذ انطلاق السنة الدراسية، حتى يستوعب التلاميذ مضامينها ويسيرون بخطى ثابتة تحت إشراف المستشار في التوجيه التربوي والأطر التربوية نحو اتخاذ قرارات مناسبة لقدراتهم المعرفية وميولاتهم الشخصية قبل نهاية السنة الدراسية وليس في فترة حرجة وجد وجيزة.
2- تأخر الإعلانات والمذكرات المنظمة لمختلف المباريات:
وما يزيد الطين بلة ويربك التلاميذ أكثر، تأخر أغلب المذكرات المنظمة للمباريات، التي لا ترد على المؤسسات التعليمية إلا في الأسبوع الأخير من شهر أبريل من كل سنة دراسية، إن لم نقل أن هذه المذكرات تتمركز خلال شهر ماي. فماذا يحدث في ظل كثير من الأعباء التي يتحملها التلميذ في هذه الفترة من السنة الدراسية؟
فالتلميذ تتبعثر جهوده بين المباريات وكثرة متطلباتها(تشكيل ملفات ثقيلة وتنقلات واتصالات ومشاورات...)، كما تمت الإشارة أعلاه، وبين إتمام الدروس وإنجاز الفروض والاستعداد للامتحانات.
من المعلوم أن العمل الإداري بكل مؤسسة تعليمية أو تكوينية، أضحى يتأسس على مخططات استرتيجية ومشاريع محددة في الزمان والمكان، وحيث الوسائل المادية والبشرية لا تنقص، فما المانع من برمجة دقيقة تحدد مواعيد وأماكن المباريات المزمع تنظيمها موزعة خلال السنة الدراسية، حتى يتمكن التلاميذ من الاستعداد واجتياز المباريات بكل هدوء واطمئنان وثقة في النفس.
3- تأخر فتح بوابات الترشيح على الأنترنيت:
حيث إن عدم اشتغال البوابة الوطنية للإعلام والتوجيه التي يمكن أن تقدم عدة خدمات فإن بعض المؤسسات أخذت تعتمد الأنترنيت للترشيح، فتلجأ إلى فتح بوابتها للتسجيل بشكل جد متأخر، من دون سابق إعلان، ولا تدريب التلاميذ على التقنيات المطلوبة، ولا مطالبة التلاميذ بالقيام بتصحيح ومراجعة معلوماتهم الشخصية والمدرسية، فكثير من التلاميذ لا يعرفون كيف يكتبون اسمهم ونسبهم بالحروف اللاتينية، ولا يعرفون أرقامهم الوطنية، ولا يتوفرون على عناوين ألكترونية، ولا بطاقة التعريف الوطنية، ولا يعرفون الرمز البريدي...فيعانون الأمرين بين عدة محاولات تبوء كلها بالفشل، وتستنزف طاقتهم الذاتية وتضيع جزء غير قليل من وقتهم الثمين، وتؤدي بهم إلى اضطرابات نفسية، لا يتجاوزون صدمتها إلا بعد التوصل إلى التسجيل بطريقة أو بأخرى.
فما الموانع التي تحول دون برمجة حصص إعلاميائية للتلاميذ تحت إشراف أساتذة المعلوميات والقيام بعملية التسجيل في وقت وجيز؟
4- صعوبة التسجيل على بعض البوابات:
أما بعض البوابات فتخالها متاهات أو سراديب دون نهاية، من كثرة تعقيد التعامل مع عدة صفحات تحيل متصفحها على روابط متعددة، إلى أن يتملكه القلق ويفقد أعصابه وتتبخر أحلامه، ليبدأ الرحلة من جديد بالاتصال والتشاور مع المستشار في التوجيه أو أحد زملائه أو أستاذ مادة الإعلاميات ليهتدي بعد ذلك إلى الطريق السليم.
فلماذا لا يتم التسجيل في صفحة واحدة ودون إحالات وروابط تؤدي إلى متاهات غير متناهية؟
5- وضع بعض المؤسسات شروطا متعددة وإقصائية:
إن كثرة الشروط يعتبرها التلاميذ تعجيزية وإقصائية؛ فلماذا لا تكتفي هذه المؤسسات بأهم الشروط؟
6- كثرة وثائق ملف الترشيح وتعددها(المصاريف الزائدة):
من المعلوم أن عدد الوثائق المطلوبة يصل أحيانا إلى 15 وثيقة، تتطلب جهدا ووقتا وأموالا وتنقلات واتصالات، ما يحدث إحباطا لدى التلاميذ وهم يهرولون بين مختلف الإدارات.
إن هذه الصعوبات يمكن تجنبها عبر المقترح التالي: تعبئة المترشح مطبوعا من اقتراح المؤسسة المعنية في سيرة ذاتية تضم جميع المعلومات المطلوبة، مذيلة بتصريح شرف، يصادق عليها لدى السلطات المحلية، وتعتبر بمثابة ترشيحه وتغنيه عن متاعب كثيرة وهدر زمن ثمين.
7- تعدد طرق توصيل ملف الترشيح إلى المؤسسات المستقبلة:
ثلاث مصطلحات على الأقل تحدد طرقا تنتهجها المؤسسات المنظمة للمباريات تخص توصيل ملف الترشيح إلى مكاتبها الإدارية، تتسم بكثير من التأويلات، وهي: يوضع الملف، يودع الملف، يرسل الملف. فالطريقة الثالثة يتجاوزها التلاميذ بسهولة بالرغم من أنها تبقى مشتتة بين إرسال عادي أو إرسال مضمون، أما الطريقتان الأولى والثانية فيحار المترشحون في إيجاد تفسير عملي منطقي لهما، إلا بعد بحث واتصال وتشاور يستغرق وقتا غير قليل.
فما المانع من وضع صيغة موحدة واضحة لا تقبل التأويل والجدل؟
8- تعدد مراحل الانتقاء والقبول:
نظرا لطول مسطرة الانتقاء والامتحان وكثرة مراحلها، يضطر المترشحون لقضاء، أحيانا يومين أو أكثر في مدينة تبعد مئات الكيلومترات عن مدنهم الأصلية ومحلات سكناهم في ظروف صعبة ماديا ومعنويا، فكيف يواجهون متطلبات المباريات والتعامل مع مختلف الامتحانات الكتابية والشفوية والعملية وغيرها؟
كما يضاف إلى ما سبق أشكالا متعددة من الامتحانات، فبعد الكتابي، الشفوي في شكل مناقشة مع لجنة الامتحانات، وأحيانا تمارين في مختلف الرياضات، وأعمال فنية تتجلى في رسم أو صباغة... وغيرها.
من إعداد: نهاري امبارك، مفتش التوجيه التربوي، مكناس؛ بتاريخ 2 ماي 2012
المراجع:
- vدليل الإعلام والتوجيه، أكتوبر 2011؛
- vالمذكرات التنظيمية الصادرة إلى حدود الساعة؛
إرسال تعليق